يبحث
Druze Podcasting
VOD
للتّواصل معنا
مقالات وأخبارالطائفة

بيانٌ لسماحة الشّيخ بعد أُسبوعٍ على الزّيارة الحضريّة الثّانية إلى المقام الشّريف

 الزّيارة التّاريخيّة لأهلنا ومشايخنا من حضر وإقليم البلّان
الزّيارة التّاريخيّة لأهلنا ومشايخنا من حضر وإقليم البلّان

بسم الله الرّحمن الرّحيم

إخواني الموحّدين في كلّ مكان،

أسبوعٌ مضى على الزّيارة التّاريخيّة لأهلنا ومشايخنا من حضر وإقليم البلّان إلى مقام سيّدنا النّبيّ شعيب عليه السّلام بعد إنقطاع دام 51 عامًا.

لقد أشغلت هذه الزّيارة الدّينيّة التّاريخيّة الرّأي العام محليًّا ودوليًّا، لامسين محاولاتٍ فاشلة من قِبَل بعض ضعفاء النّفوس لاستغلال الحدث من أجل المساس بموقع وكيان الطّائفة في البلاد بطرق عدّة.

بتدبيره تعالى وبحُسن النّيّات، حقّقت الزّيارة غاياتها الدّينيّة والإنسانيّة المرجوّة، وأثبتت للقاصي والدّاني عُمق العلاقة المتينة الثّابتة الّتي تربط الموحّدين على امتداد التّاريخ.

هذه العلاقة الّتي شهدناها تتجلّى عبر لقاءاتٍ جمعت الأخ بأخيه، والابنة بأبيها بعد انقطاعٍ دام أعوامًا طويلةً، لتثبت أنّها علاقةٌ شريفةٌ مقدّسة لا تحدّها حدودٌ ولا أسلاك، ولا تعبث بها أهلُ الدّنيا والسّياسات، فالدّم واحد والقلب واحد والمصير التّوحيديّ واحد، وهو فوق كلّ السّياسات والاعتبارات.

في ظلّ هذه الزّيارة التّاريخيّة، كنّا ولا نزالُ نتطلّع لمزيد من مثل هذه الزّيارات المتبادلة، مؤكّدين على الحقّ الأساسيّ لأبناء الطّائفة أينما وُجدوا في التّواصل واللّقاء، راجين أن يستطيع إخواننا من كافّة دول المنطقة زيارة مقام سيّدنا النّبيّ شعيب عليه السّلام.

يشهد على ذلك ما لمسناهُ من إجماعٍ شبه تام، حتّى من قِبَل الّذين أبدوا في البداية تحفّظًا معيّنًا، على أهميّة هذه الزّيارة المباركة وما فيها من معانٍ دينيّة وروحيّة عظيمةِ الأثر.


إخوتي وأخواتي،

لا يخفى على أحد ما أحدثتهُ الزّيارة من نقاشاتٍ ومداولات، ومحاولات عرقلةٍ كان لها الكريمُ العليمُ بالمرصاد.

ما من شكّ أنّ هناك من لا يريدُ وحدة الطّائفة الدّرزيّة، ومن يعمل على خلق قلاقل ودقّ أسافين بين أبنائها، مع استغلال بعض الظّروف القاسية الصّعبة الّتي تواجُه قسمًا من النّاس.

من هنا، لا بدّ من التّوجّه إلى كافّة أبناء الطّائفة أينما كانوا، مناشدينكم بعدم الانزلاق إلى جدالات أو نقاشات لا تخدمُ إلّا التّفرقة.

علينا أنْ نعي أنّ هناك من يتربّص لإحداث ٍشرخ في الموقف الدّرزيّ العام ويحاول تأجيج الفتن الّتي نحن في غنى عنها.

كما كنّا قد صرّحنا وعبّرنا فوق كلّ منبر: نريد ونرجو الوحدة لسوريا على كافّة مركّباتها ومناطقها. نريدُ للشّعب السّوريّ وللدّولة السّوريّة أن تكون دولةً مدنيّة وديمقراطيّةً تحقّق العيش الكريم لكافة سكّانها، وتمنح كافّة الحقوق والشّراكة لأبناء الطّائفة ولكافّة مناطقها ومواطنيها، لتعيشُ بسلام وتنعم بالوئام مع كافّة دول الجوار والمنطقة.

هذا هو رجاؤنا أيضًا للدّولة اللّبنانيّة بكامل شعبها وطوائفها وأطيافها، متمنّين لها العيش بأمن وكرامة ووفرةٍ من التّوفيق والحقوق.

إلى جانب كلّ هذا، نعترفُ دون وجلٍ أو خجل أنّنا نريدُ ونسعى لأنْ تبقى طائفتنا الدّرزيّة سبّاقةً ومؤثّرةً أينما كانت. إذا اقتضت الضّرورة وضاقت الأحداث، سنهبّ لمساندة ودعم الطّائفة في أيّ دولةٍ كانت والتّاريخ على ذلك خير شاهد ودليل. هذا، مع احترام قراراتهم والامتناع المسؤول عن التّدخّل في شؤونهم الدّاخليّة الخاصّة كما فعلنا حتّى الآن.

عليه، أتوجّه إليكم إخوتي وأخواتي أبناء الطّائفة الدّرزيّة لنبقى دائمًا وأبدًا يدًا موحّدةً واحدة وإن بعدت المسافات. تعالوا بنا نعمل على تقريب القلوب فيما بيننا وأن نترفّع عن صغائر الأمور.

لا شكّ أنّه وكما هو الحال في كلّ مجتمعٍ متحضّر، لا بدّ لنا أيضًا من وجود نقاشات واختلافٍ في الآراء والتّوجّهات، ولكنّنا مُطالبون في ذات الوقت بالحفاظ على مستوى لائقٍ من الحوار والنّقاش البنّاء، والابتعاد عن الشّخصنة وإهانة الرّموز الدّينيّة عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ وأمام الرّأي العام.

علينا أن نتذكّر ونراعي ما يحملهُ شيوخ الطّائفة ومرجّعياتها في كافّة البلدان من مسؤوليّات وهموم كبيرة، وما يتحمّلونه صبرًا من أجل تأديةِ رسالاتهم الدّينيّة الّتي يصادفون في سبيل تحقيقها كثيرًا من المضايقات والتّضييقات.

تحت طائلة هذه الأحوال، يتوجّبُ علينا أن نُراعي ظروفهم، ونتوخّى الحكم عليهم وعلى فعلِ ما يتّخذون من قراراتٍ من بعيد، مستذكرين النّصيحة التّوحيديّة الثّابتة: "يرى القريب ما لا يرى البعيد".

يجبُ علينا أن نعي بمسؤوليّة: مهما اختلفت الآراء واحتدمت النّقاشات، سيظلّ نداء "يا غيرة الدّين" دستورًا تاريخيًّا توحيديًّا، يذكّرنا بواجبنا الطّائفيّ في مؤازرة إخواننا الموحّدين أينما كانوا، متغاضين ومترفّعين عن مواطن الاختلاف والنّقاش.

كونوا على ثقة أنّ المرجعيّات الدّينيّة والرّوحيّة تعملُ ليل نهار وفي كافّة الأقطار، بتواصلٍ وتعاون دائم، من أجل تحقيق مصلحة الطّائفة وفقًا لمقتضى الحاجة ولتداعيات الظّروف.

نجدّد الرّجاء بجمع الشّمل وتجديد اللّقاء عمّا قريب في رحاب مقام سيّدنا النّبيّ شعيب عليه السّلام.

أخوكم

موفق طريف
الرّئيس الرّوحيّ للطّائفة الدّرزيّة

جولس، السّبت الموافق 22.3.25