مَساءَ يَومِ الجُمُعَةِ، شَهِدَ مَقامُ سَيِّدِنا النَّبِيِّ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَوقِفًا تَأبِينِيًّا مُهَيْبًا، احْتَشَدَ فيهِ الآلافُ مِن أَبناءِ طائِفَةِ المُوَحِّدِينَ الدُّرُوز مِنَ الجَليلَيْنِ والكَرْمَلِ والجُولانِ، إِحْياءً لِذِكْرَى شُهَدَاءِ مُحافَظَةِ السُّوَيْداءِ، في أَعْقابِ الهَجَماتِ الإِرْهابِيَّةِ الَّتي طالَتِ المُحافَظَةَ مُنْذَ الثَّالِثِ عَشَرَ مِن تَمُّوز/يُولْيُو.
سَماحَةُ الشَّيخِ مُوَفَّق طَريف أَلْقَى كَلِمَةً شامِلَةً، اسْتَهَلَّها بِالتَّرَحُّمِ على شُهَدَاءِ العِزَّةِ والكَرامَةِ والشَّهامَةِ، وتَناوَلَ فيها المَشهَدَ السُّورِيَّ الرَّاهِنَ، مُؤَكِّدًا الدَّوْرَ المَحْوَرِيَّ لِطائِفَةِ المُوَحِّدِينَ الدُّرُوز كَشَرِيكٍ أَساسِيٍّ في بِنَاءِ سُورِيَا، ومُشِيرًا إلى أَنَّ على الشَّعْبِ السُّورِيِّ حَسْمَ خِيارِهِ بَيْنَ دَوْلَةٍ دِيمُقْراطِيَّةٍ مَدَنِيَّةٍ تَصُونُ حُقوقَ مُواطِنِيها وتَحْتَرِمُ خُصوصِيّاتِهِم، أَو دَوْلَةٍ مُمَزَّقَةٍ تَنْهَشُها النِّزاعاتُ الطَّائِفِيَّةُ.
كما دَعا سَماحَتُهُ المُجْتَمَعَ الدَّوْلِيَّ إلى التَّحَرُّكِ العاجِلِ وعَدَمِ الاكْتِفاءِ بِمَوقِفِ المُتَفَرِّجِ أَمامَ ما يُرْتَكَبُ مِن مَجازِرَ وأَعْمالٍ إِرْهابِيَّةٍ بِحَقِّ أَبناءِ الطَّائِفَةِ، وحَثَّ على فَتْحِ مَمَرٍّ بَرِّيٍّ لِإِيصالِ المُساعَداتِ الإِنْسانِيَّةِ في ظِلِّ الحِصارِ المُنَظَّمِ المَفْرُوضِ مُنْذَ أَكْثَرَ مِن شَهْرٍ، والرامِي إلى كَسْرِ إِرادَةِ أَبناءِ الطَّائِفَةِ. وأَكَّدَ أَنَّ المُوَحِّدِينَ الدُّرُوز لَمْ ولَنْ يَرْكَعُوا أَمامَ أَيِّ مُحاوَلَةٍ لِلنَّيْلِ مِن عَزيمَتِهِم، مَهْما اشْتَدَّتِ التَّحَدِّياتُ.
وَوَجَّهَ سَماحَتُهُ رِسالَةً إلى القِياداتِ الرُّوحِيَّةِ والاجْتِماعِيَّةِ في السُّوَيْداءِ، دَعاهم فيها إلى وَحْدَةِ الصَّفِّ والعَمَلِ المُشْتَرَكِ، مُتَجاوِزِينَ أَيَّ خِلافاتٍ في وُجوهِ النَّظَرِ، ومُتَقارِمِينَ الماءَ والدَّواءَ ورَغيفَ الخُبْزِ بِعَدْلٍ وإِنْصافٍ. كما أَشادَ بِالجُهودِ الكَبيرةِ الَّتي يَبْذُلُها آلافُ المُتَطَوِّعِينَ والمُتَطَوِّعاتِ داخِلَ البِلادِ، وبِعَطاءِ المُتَبَرِّعينَ مِن مُخْتَلَفِ الطَّوائِفِ والأَطْيافِ لِمُسانَدَةِ أَهالِي السُّوَيْداءِ في مِحْنَتِهِم.
وخِلالَ المَوقِفِ المُهَيْبِ، أَلْقَى فَضِيلَةُ الشَّيخِ أَبُو عَلِي حُسَيْن الحَلَبِي كَلِمَةً مُؤَثِّرَةً، تَلَتْها كَلِمَةٌ بِاسْمِ أَهالِي الجُولانِ أَلْقاها الشَّيخُ أَبُو كَمال حَسَن أَبُو صالِح مِن مَجْدَلِ شَمْس، ثُمَّ كَلِمَةٌ بِاسْمِ رُؤَساءِ المَجالِسِ والبَلَدِيَّاتِ الدُّرْزِيَّةِ أَلْقاها السَّيِّدُ ياسِر غَضْبان رَئِيسُ مَجْلِسِ كِسْرَى سَمِيع المَحَلِّي ورَئِيسُ مُنْتَدَى السُّلُطاتِ المَحَلِّيَّةِ الدُّرْزِيَّةِ، وكَلِمَةٌ بِاسْمِ أَعْضاءِ البَرْلَمانِ أَلْقاها السَّيِّدُ حَمَد عَمَّار.
تَخَلَّلَ المَوقِفَ إِلْقاءُ قَصائِدَ تَأبِينِيَّةٍ مُعَبِّرَةٍ، وأَدارَ فَقراتِهِ قاضِي المَحْكَمَةِ الدِّينِيَّةِ الشَّيخُ كَمال قَبْلان. وقَدْ عَكَسَ الحُضورُ الحاشِدُ وَحْدَةَ المَوقِفِ بَيْنَ أَبناءِ الطَّائِفَةِ حِيالَ الأَوْضاعِ في سُورِيَا، بِمُشارَكَةِ شُيوخِ الطَّائِفَةِ كافَّةً، ومِنْهُم سِياسُ الخَلَواتِ مِنَ الجَليلَيْنِ والكَرْمَلِ، وشُيوخُ هَضْبَةِ الجُولانِ، ورُؤَساءُ المَجالِسِ المَحَلِّيَّةِ، إِضافَةً إلى الفَعالِيَّاتِ الشَّعْبِيَّةِ والجَماهيرِيَّةِ النَّاشِطَةِ.