(البُقَيْعَة פְּקִיעִין)
التّسمية
البُقَيْعَة تصغير لكلمة بُقْعَة، وقد سُمّيت بذلك نسبةً لتواجدها في مُنْخفض تحيط به الجبال من معظم نواحيه.
الجغرافيا
تقع البقيعة على بعد 8 كيلومترًا شرقيّ "معالوت-ترشيحا" في الجليل الأعلى وعلى الطرف الجنوبيّ الغربيّ لكتلة جبال الجرمق وبمحاذاة كسر جيولوجي يتفرّع من الشقّ السوريّ الأفريقيّ ويمتدّ من منطقة وادي الحمام إلى رأس الناقورة. ترتفع البقيعة عن سطح البحر حوالي 620م. تكثر في البقيعة ينابيع المياه مثل عين البلد وعين الجوانيّة وعين البرانيّة وعين طيريا وغيرها. تصبّ مياه وادي البقيعة في وادي القرن.
لمحة تاريخيّة
بحسب التّواريخ اليهوديّة، يُعتقد أنّ الكاهن الكبير شمعون بار يوحاي وابنه إليعزار(القرن الثّانيّ للميلاد) اختبآ مدّة 12 عامًا في مغارةٍ متوارية عن الأنظار قرب نبع قرية البقيعة، هروبًا من بطش الرّومان آنذاك. خلال التّنقيب الأثريّ داخل القرية، تمّ العثور على عدد من المقتنيات مثل الأواني الفخاريّة ومقابر تعود إلى العصر الخلكو-ليتيّ (النّحاسيّ-الحجريّ) أي قبل حوالي أربعة آلاف سنة قبل الميلاد.
تاريخ التّواجد المعروفيّ في البلد
يذكر قاضي صفد محمد الدمشقي الشافعي العثماني المتوفّى حوالي عام 1376 م. في كتابه "تاريخ صفد" البقيعةَ وغيرَها من القرى فيقول: ".... وأنّ غالبيّة أهل هذه البلاد من الدروز...." ممّا يشير إلى أنّ التواجد الدرزيّ بدأ في البقيعة منذ فترة الدعوة أو بعدها بقليل.
في عام 1875 قام المستكشف الفرنسيّ فيكتور جويرين بزيارة القرية ووصفها قائلًا: "يبلغ عدد سكّانها في الوقت الحالي 600 نسمة، وهم من الدّروز والرّوم المتّحدين والرّوم المنشقّين، إلى جانب عدد قليل من العائلات اليهوديّة الّتي تنحدر من السّكّان القدماء في البلاد". كذلك فقد أظهرت قائمة سكّانيّة تعود إلى حوالي عام 1887 أنَّ البقيعة ضمّت آنذاك حوالي 950 نسمة؛ منهم سكّان من الدّروز واليهود والمسيحيين.
المؤسّسات الدّرزيّة في القرية
من معالم البقيعة:
حكاية من البقيعة:
يحكى أنّه في أحد مواسم الزيتون في البقيعة انكسر حجر المعصرة فتوجّه أحد الحجّارين إلى المحجر الشرقيّ لقطع حجر بديل. بعد أن قارب على الانتهاء من العمل وبضربة غير حذرة انكسر الحجر وتبدّدت جهوده هباءً. رغم ما أصابه من خيبة أملٍ ويأس، صمّم الحجّار على نحت حجر جديد. بعد نجاحه في تحضير الحجر المطلوب، جاءت الفزعة من شباب القرية الّذين وبحكم التّعب المتراكم خلال النّقل، دحرجوا الحجر سهوًا فكسروه وأتلفوه.
نزولًا عند حاجة القرية إلى تشغيل المعصرة، تعاون الحجّارون على قطع حجر للمرّة الثالثة فتكلّلت مساعيهم بالتّوفيق. بعد عمليّة القطع، احتشد شبابُ القرية المتعبين حول الحجر، فخارت قواهم وكلّت عزائمهم ولم يستطيعوا دفع الحجر صعودًا إلى مبنى المعصرة.
بعد محاولات كثيرة يائسة، اقترح أحد الحضور طلب المساعدة من سيّد المنطقة آنذاك الشّيخ الزّاهد صالح أبو ملح (ر). تلبيةً لطلب الخدمة، قدم سيّدنا الشّيخ صالح إلى مكان تجمّع الشّباب حول الحجر، فسمّى باسم الله وابتهل لتوفيق الحال ومدّ يده الكريمة إلى الحجر الكبير، فاستسهل الشّباب عمليّة الدّفع وصعدوا بالحجر إلى المعصرة، موقنين أنّها كرامةُ للشّيخ الجليل عند الله تعالى.